بعد عملية البتر في الساق

ُشكّل استشفاء الجزء المتبقي من الطرف المبتور بعد عملية بتر الساق الأساس الذي يُبنى عليه التركيب الاصطناعي اللاحق، وبالتالي فهو يمتلك أهمية خاصة. في المستشفى، سيواصل الأطباء المسؤولون عن معالجتك مراقبة عملية الاستشفاء وفحصها بشكل مستمر، بينما يعتني طاقم التمريض في العيادات الداخلية بالمعالجة اليومية للجزء المتبقي من الطرف المبتور؛ وبالإضافة إلى معالجة الجرح، ستشمل هذه العناية معالجة الوذمة، والمعالجة بالانضغاط، وإزالة تحسس الجلد، والعناية بالندبات، ضمن أشكال أخرى من العناية العلاجية.

لدى الخبراء العديد من النظريات بشأن منشأ الألم الوهمي، ومن أكثرها شيوعاً تلك التي تقول بأن المناطق المختلفة في المخ مسؤولة عن مختلف مناطق الجسم، فعندما يُفقَد جزء من الجسم ولم يعد يصدر عنه أي رد فعل أو إشارة، يفسّر المخ فقدان الإشارة على أنه ألماً. في هذا السياق، من المفيد التوضيح أن المصابين بعيب خلقي في الأطراف، والمعروف باسم "خلل الطرف"، لا يعانون من الألم الوهمي كما هو الحال عند فاقدي الأطراف، وهذا يدل على وجود نوع من "تأثير التعلم" في المخ، ويبدو أن ذاكرة الألم تؤدي دوراً مهماً أيضاً، فإذا كان المريض يشعر فعلاً بالألم قبل البتر، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نشوء وتفاقم الألم الوهمي، ويجب أن يُراعى هذا الأمر عند اختيار العلاج.

ُعد الألم الوهمي أمراً فردياً صِرْفاً حسب كل شخص، ويعتمد على العديد من العوامل، فهو يؤثر على فاقدي الساق والذراع على نحوٍ متساوٍ، ويمكن لأنواع معينة من الظروف المحيطة، مثل الظروف الجوية أو التعرض لدرجات حرارة باردة أو التوتر العاطفي، أن تساهم في حدوث الألم أو تفاقمه، وقد لا يحدث هذا الألم إلا في أوقات معينة، وربما يزيد أو يقل تدريجياً، وقد يكون موجوداً بشكل دائم، كما يمكن أن يختلف نوع الألم وشدته وخصائصه من حالة لأخرى. يفيد الأشخاص المتضررون أنهم يشعرون بألم يشبه الشّد والوخز أو الحرقان والتشنجات.

قد تحدث أنواع عديدة من الألم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور بعد عملية البتر، ومن الضروري التمييز بين الألم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور والألم الوهمي لأن هذه الأنواع من الألم تُعالَج بشكل مختلف.

يوجد العديد من طرق العلاج المختلفة لهذين النوعين من الألم، ويُوصَى بالجمع بين العديد من أنماط العلاج للألم الوهمي، إذ لا يوجد علاج موحد يلبي الاحتياجات لجميع الأشخاص المتضررين. بالإضافة إلى ذلك، تتسم العديد من العلاجات بطابع طويل الأمد وتتطلب المشاركة الفعّالة للمصاب، وقد تحتاج إلى التحلي بقدر كبير من الصبر والتحمل؛ ومع ذلك فنحن نشجّعك على الشروع بالعلاج حتى لو كان صعباً، فاحرص على التحدث إلى الطبيب وأخصائي الأطراف الاصطناعية والأجهزة التقويمية والمعالج، فهم الأشخاص الذين سيعملون معك على نحو وثيق وسيقدمون لك الدعم والمساعدة قدر المستطاع. توفر الطرق الآتية وسائل مناسبة لعلاج الألم الوهمي بعد عملية البتر وهي مُكمّلة لبعضها البعض.

• العلاج بالمرآة: الجلوس أمام مرآة بحيث تعكس المرآة صورة الطرف السليم للمريض، مما يعطي انطباعاً كما لو أن الطرف المفقود موجوداً مجدداً، حيث من الممكن الآن تحريك ما يُعرف بالطرف الوهمي المجسّد بالمرآة من خلال التحريك الفعلي للطرف السليم، فيحدث بهذا الشكل التأثير على الطرف المفقود، وينتج عن ذلك إمكانية تحرير الطرف الوهمي من الوضعيات المتقلصة والمؤلمة بمساعدة حركات الجانب السليم من خلال تحريكه إلى وضعية أكثر أريحية وخالية من الألم. بالإمكان الحصول على نتائج مماثلة بالنظر إلى الصور (ما يُعرف باسم التدريب لوظائف جانبي الدماغ)، ويرمي ذلك إلى تدريب مناطق الذاكرة اليمنى/اليسرى في الدماغ.

• العلاج الحركي الحسي: تدليك الجزء المتبقي من الطرف المبتور بمواد متنوعة لتحفيز الأعصاب عبر الجلد، ويمكن استعمال العلاج بالموجات فوق الصوتية، والعلاج الحراري، والعلاج الكهربائي أيضاً.

• ارتداء طرف اصطناعي أو بطانة: في الكثير من حالات الأشخاص المتضررين، يجري تخفيف الألم عن طريق ارتداء طرف اصطناعي أو بطانة، وقد يحدث هذا التخفيف للألم بسبب التحفيز الشعوري للجزء المتبقي من الطرف المبتور وفكرة أن الجسم لا يكون فاقداً لأي من أجزائه بفضل وجود الطرف الاصطناعي، وبالتالي يستقبل المخ إشارات وردود فعل متناسبة.

• علاج الألم: إن معالج الألم هو طبيب مختص بمعالجة الألم؛ سيساعدك طبيبك في التواصل مع هذا الأخصائي، ومن الضروري الامتناع عن معالجة نفسك بأدوية للألم بأي حال من الأحوال.

يختلف ألم الجزء المتبقي من الطرف المبتور عن الألم الوهمي، وبالتالي فطريقة معالجتهما ستكون مختلفة؛ ولهذا السبب، من الضروري أن يخضع المريض لفحص دقيق لتحديد نوع الألم الذي يشعر به سواءً أكان ألم وهمي أم شكل آخر من آلام الجزء المتبقي من الطرف المبتور. قد يتسبب التركيب غير المناسب للطرف الاصطناعي أيضاً في حدوث ألم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور، وتساعد الفحوصات الطبية في معرفة فيما إذا كان الشخص المتضرر يعاني من نسيج ندبي مزعج، أو ورم عصبي مؤلم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور، أو تغطية غير مناسبة لنسيج رخو، أو نسيج رخو زائد، إذ من الممكن التخلص من هذه المسببات للألم على المدى البعيد من خلال تضبيط المكونات الاصطناعية وموائمتها أو من خلال تدخل جراحي آخر.

تتيح بعض الأساليب المتبعة في العمليات الجراحية أيضاً إمكانية التقليل من الألم في الجزء المتبقي من الطرف المبتور بعد عملية البتر، وخصوصاً الألم الناشئ من بعض الأعصاب الموجودة فيه. يجب أن يبدأ العلاج الوقائي للألم أثناء العملية – إن أمكن – عن طريق استعمال البنج الموضعي، أو البدء به بعد العملية مباشرةً لمنع ظهور الألم أو تفاقمه إلى ألم مزمن.